للأسبوع الثاني يستمر تقدم التنظيمات المسلحة في شمال العراق، بينما يزداد انكشاف النظام السياسي في بغداد، مع عودة التحشيد الطائفي في واحدة من أقسى لحظاته، في هذا الوقت تُسمع أصوات التفجيرات اللبنانية الأخيرة بقوة حيث وجهت الاتهامات فيها لتنظيم "الدولة الاسلامية" أو تنظيم "جبهة النصرة"، فيما يدشن تنظيم "داعش" مسرحه المفتوح في الامتداد الطبيعي بين سورية والعراق، وإلى الشرق تزداد احتمالات تدخل عسكري إيراني في العراق يوما بعد يوم، وإلى الغرب تسخن اسرائيل المسرح في الضفة الغربية بعد عملية اختطاف ثلاثة شباب من مدرسة دينية في الخليل.
فكرة المسرح الشامل للفوضى مرتبطة بشكل أساسي بحرب أو عمليات عسكرية عابرة للحدود الاقليمية تمتد من إيران وتمر بالعراق ولبنان ولا تستثني الأردن وفلسطين، وقد روج لهذه الفكرة في السنة الثانية من الأزمة السورية مع اشتداد قوة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وتعني حالة من السيولة الاستراتيجية التي تكفل القضاء على النظام السوري وإخراجه من المعادلة وضرب شوكة جبهة النصرة معا.
إذا كان هدف الفوضى الشاملة إيجاد مداخل جديدة للقضاء على النظام السوري؛ لماذا لم تذهب إليها القوى الكبرى في لحظات كانت فيها كفة القوة على الأرض تميل لصالح المعارضة المسلحة، لكن اليوم سيبدو من الحكمة الاستراتيجية إشغال إيران في ثلاث جبهات ثم إفساح المجال للناتو أو غيره للقضاء على قوة " داعش" التي ستتعاظم في كل من العراق وسورية، ما يجعل الضربة المزدوجة للنظام والتنظيم في متناول اليد حسب سيناريو الفوضى الشاملة.
في هذا الوقت، سيكون الهدف الحقيقي للمسرح الجديد التهيئة للدخول في المسار التاريخي الثالث لإدارة الصراع حول القضية الفلسطينية بعد مساري كامب ديفيد ومدريد – اوسلو، ولكن المسار الجديد يرتب له وقد وصلت القضية والقائمون عليها الى أضعف حالاتها.
الفائدة الحقيقية التي جنتها إسرائيل في المسار الثاني ( مدريد – اوسلو) خلال مرحلة الوعيد والتهديد الإيراني، وحتى في مرحلة المفاوضات الطويلة، هي فائدة سياسية؛ حينما استطاعت إقناع الغرب بأن الخطر الإيراني يشكل أولوية في الشرق الأوسط تفوق أي أولوية أخرى، ما أدى إلى تراجع أهمية القضية الفلسطينية ومكانتها. لعبت إيران وغيرها الدور المطلوب بإرادتها أو بدونها على المسرح الخفي، اليوم يبدو المسرح الجديد وقد أصبح جاهزا ولكن سيكون التفاعل بالطلقات والتفجيرات والمواجهات أكثر من الكلمات والمفاوضات.
0 comments:
إرسال تعليق