هذه الفكرة النبيلة لن تتجاوز التوظيف الدعائي، وسيحاول شمعون بيريز الخبير المحنك في العلاقات العامة الدولية أن يغطي على بعض الخسارات الصغيرة التي تعرضت لها اسرائيل في زيارة البابا الاخيرة. سنلاحظ خلال الأيام القادمة أن الخسارات الرمزية ستعوض بأفعال على الارض، بينما يزداد خداع العالم الذي ينخرط في التمهيد والتطبيع مع تحولات اسرائيلية أصبحت قاب قوسين أو أدنى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بالطريقة الاسرائيلية ومن طرف واحد، ولعل أحد الامثلة على الخطوات التطبيعية القرار الاسترالي بنزع صفة "المحتلة" عن مدينة القدس.
عالم يصلي بينما العالم الواقعي يخدع، فالصلاة التي ستقام في مكان ما في إحدى حدائق الفاتيكان سيكون مقابلها في نهاية النهار، إدراك متزايد لدى الاسرائيليين بأن الوقت قد حان لفرض الحل الاسرئيلي في نهاية اليوم الفلسطيني.
اللحظة السياسية والاستراتيجية التي يشهدها الإقليم والعالم مواتية للحسم، وعلى اسرائيل أن تحدد شكل النهاية ومضمونها. الأسبوع الماضي سرّبت وسائل إعلام اسرائيلية، بعد مداولات اجتماع مغلق للجنة الأمن والخارجية في الكنيسيت، نية رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو السير على خطى شارون بالانفصال أحادي الجانب عن الفلسطينيين في الضفة الغربية، كما فعل شارون مع غزة؛ أي فرض كيان فلسطيني بالشكل والمحتوى اللذين تريدهما اسرائيل.
واذا ما عدنا الى الخلف قليلا نحو العام 2005، حينما نفذ شارون خطته للانسحاب الأحادي والتي أثارت جدلا واسعا في اسرائيل، فان التوظيف الدعائي لها وفر لاسرائيل مكاسب استراتيجية وسياسية على مدى العقد الماضي مقابل تحميل الفلسطينيين أعباء إدارة محلية في مكان معزول أنهكه الاحتلال وتحول إلى اسوأ مكان للعيش في العالم، فيما شكلت هذه الخطوة بداية التجزئة على الأرض والانقسام السياسي في الهوية الفلسطينية؛ فمقابل إخلاء نحو 8 آلاف مستوطن دشنت اسرائيل عشرات الآلاف من المستوطنات الجديدة خلال العقد الماضي.
الخداع يستمر وتسعى الإدارة الاسرائيلية إلى رد تاريخي على خطوتي المصالحة الفلسطينية وشراكة السلطة مع حماس وذهاب عباس إلى المنظمات الأممية والدولية لكي ترسم وحدها شكل نهاية مرحلة مفصلية من الصراع.
في الوقت الذي يصلي فيه العالم من أجل السلام أقرت اسرائيل "خطة طوارئ" لاستقدام يهود أوروبا، وخصوصاً أوكرانيا بذريعة تنامي مظاهر "معاداة السامية" في بعض دول اوروبا، وأسست لهذه الغاية شركة للقيام بمهمة استدراج يهود أوروبا وخصصت ميزانية أولية بقيمة 100 مليون شيكل، وفيما تشكل خطة بناء 1800 وحدة استيطانية جديدة في القدس والضفة استمرارا للسياسة الاستيطانية القديمة التي لا تردها شجون السلام والمفاوضات ولا أشواق الصلوات؛ فإن هذه الخطة تقدم اليوم كرد فعل على المصالحة وحكومة الوحدة الوطنية.
ننتظر حملة علاقات عامة دولية كبيرة يقودها شمعون بيريز في المرحلة القادمة، بينما سيدخل الصراع الى مرحلة جديدة مختلفة تماما لن تفيد فيها الصلوات.
0 comments:
إرسال تعليق