هذه الأحداث تأتي في ظل تدهور أمني يضرب بطول الإقليم وعرضه. لكنها تطرح علينا سلسلة من الأسئلة الذهبية، أهمها: هل استُثمر التحدي وتم تحويله إلى فرصة؟ وما هي القطاعات التي استثمرت هذا التحدي أكثر من غيرها؟ وإلى متى سنصمد في المشي على حد السيف؟
ثمة مخاطرة في أن يتم تقديم الأردن وتأطير صورته في نموذج الأمن فقط، على أهميته وأولويته. ثمة إنجاز أردني متفق حوله في هذا المجال، لكن هل يعني ذلك أن يسوق الأردن من هذا المدخل وكفى؟ هل يبرر النجاح الأمني، وتحديدا في مكافحة الإرهاب، غياب القطاعات الأخرى التي كان من المفترض أن يحقق الإنجاز الأمني بيئة معافاة لها، لكي تحقق بدورها إنجازات ذات قيمة مضافة أكثر على الاقتصاد الوطني؛ مثل السياحة أو جلب الاستثمارات، وسط بيئة تحولت إلى بيئة إقليمية طاردة؟ لم نناقش، منذ فترة ليست بالقصيرة، ماذا حل بقطاع تكنولوجيا المعلومات، وما حجم التراجع الذي بات يشهده، ولم لم تُستثمر الظروف الإقليمية لتثبيت مكانة الأردن في هذا المجال.
طور الأردن، خلال أكثر من ستة عقود، منهجه الخاص في التعامل مع الملفات الداخلية. وقد قام هذا المنهج على فكرة التوازنات الدائمة، التي قد تكون متينة كما قد تكون هشة، وكان الهاجس الأمني هو الأساس. ولدينا أمثلة تاريخية ويومية عديدة على هذا المنهج، من التعامل مع ملف الإصلاح السياسي مرورا بتكوين النخب السياسية، وصولا إلى التعامل مع الأزمات المحلية.
ومنهج التوازنات يعني عمليا المشي على حد السيف. وربما هذا ما يفسر توالي الأزمات. وفي مرحلة تالية، وخلال آخر عقدين، استثمر الأردن هذه الخبرة في التعامل مع الأزمات الإقليمية عبر آليات الحياد الإيجابي، وصولا إلى اللعب منفردا ولو في حدود ضيقة، من أجل خلق التوازن في المواقف.
ويبدو أن الأردن الرسمي لم يطور منهجية في تحويل التحديات إلى فرص، ولم يستثمر القيمة المضافة في الجانب الأمني في قطاعات متنوعة.
التعلم من الأزمات، وفق النموذج الأردني، يعني أننا جميعا؛ حكومات ونخبا ومجتمعا، نتحدث ونجيد وصف الأزمات وتحديد ملامحها وخصائصها والإحالة عليها. لكن لا أحد يتحدث بجرأة ووضوح عن الحلول والفرص الممكنة. ربما تشكل الحالة التنموية الأردنية، في بعديها السياسي والاقتصادي، منذ تأسيس الدولة، واحدة من أكثر الحالات قدرة على التكييف مع الأزمات وإدارة التغيير، وواحدة من أكثر الحالات ضعفاً في بناء التراكم. والنتيجة التي وصلنا بها عبر المشي الدائم على حد السيف، هي أن ثمة أزمات في الأفق منتظرة.
0 comments:
إرسال تعليق